سورة آل عمران - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{ولئن قتلتم} أي: والله لئن قتلتم. {في سبيل الله} في الجهاد أيُّها المؤمنون {أو متم} في سبيل الله ليغفرنَّ لكم وهو {خيرٌ مما يَجمعون} من أعراض الدُّنيا.
{ولئن متم} مُقيمين على الجهاد {أو قتلْتُم} مجاهدين {لإِلى الله تحشرون} في الحالين.
{فبما رحمة من الله} أَيْ: فَبِرَحْمةٍ، أَيْ: فبنعمةٍ من الله وإحسانٍ منه إليك {لِنت لهم} يا محمد: أَيْ: سهلت أخلاقك لهم، وكثر احتمالك {ولو كنت فظاً} غليظاً في القول {غليظ القلب} في الفعل {لانفضُّوا} لتفرَّقوا {من حولك فاعف عنهم} فيما فعلوا يومَ أُحدٍ {واستغفر لهم} حتى أُشفِّك فيهم {وشاورهم في الأمر} تطييباً لنفوسهم، ورفعاً من أقدارهم، ولتصير سنَّةً {فإذا عزمت} على ما تريد إمضاءه {فتوكل على الله} لا على المشاورة.
{إنْ ينصركم الله فلا غالب لكم} من النَّاس {وإن يخذلكم} يوم أُحد لا ينصركم أحدٌ من بعده، والمعنى: لا تتركوا أمري للنَّاس، وارفضوا النَّاس لأمري.
{وما كان لنبيٍّ أن يغلَّ} أَيْ: يخون بكتمان شيءٍ من الغنيمة عن أصحابه. نزلت في قطيفة حمراء فُقدت يوم بدرٍ، فقال النَّاس: لعلَّ النَّبيَّ أخذها، فنفى الله تعالى عنه الغلول، وبيَّن أنَّه ما غلَّ نبيٌّ، والمعنى: ما كان لنبيٍّ غلولٌ {ومن يَغْلُلْ يأت بما غلَّ} حاملاً له على ظهره {يوم القيامة ثمَّ توفى كل نفس ما كسبت} أَيْ: تُجازى ثواب عملها {وهم لا يظلمون} لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً.
{أفمن اتَّبع رضوا الله} بالإيمان به والعمل بطاعته، يعني: المؤمنين {كمَنْ باء بسخطٍ من الله} احتمله بالكفر به، والعمل بمعصيته، يعني: المنافقين.
{هم درجاتٌ عند الله} أَيْ: أهل درجات عند الله. يريد أنَّهم مختلفو المنازل فَلِمَن اتِّبع رضوان الله الكرامة والثَّواب، ولِمَنْ باء بسخطٍ من الله المهانةُ والعذاب {والله بصيرٌ بما يعملون} فيه حثٌّ على الطَّاعة، وتحذيرٌ عن المعصية.
{لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم} أَيْ: واحداً منهم عُرِف أمره، وخبرُ صدقه وأمانته، ليس بمَلَك ولا أحدٍ من غير بني آدم، وباقي الآية ذُكر في سورة البقرة. {وإن كانوا من قَبْلُ} وقد كانوا من قبل بعثه {لفي ضلالٍ مبين}.


{أَوَ لَمّا أصابتكم} أَوَ حين أصابتكم مصيبة. يعني: ما أصابهم يوم أُحدٍ {وقد أصبتم} أنتم {مثليها} يوم بدر، وذلك أنَّهم قتلوا سبعين وأسروا سبعين، وقُتل منهم يوم أحد سبعون {قلتم أنَّى هذا} من أين أصابنا هذا القتل والهزيمة ونحن مسلمون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا؟! {قل هو من عند أنفسكم} أَيْ: إنَّكم تركتم المركز وطلبتم الغنيمة، فَمِنْ قِبَلِكُمْ جاءكم الشَّرُّ {إنَّ الله على كل شيء قدير} من النَّصر مع طاعتكم نبيَّكم، وترك النَّصر مع مخالفتكم إيَّاه.
{وما أصابكم يوم التقى الجمعان} يوم أُحدٍ {فبإذن الله} بقضائه وقدره، يُسلِّيهم بذلك {وليعلم المؤمنين} ثابتين صابرين، وليعلمَ المنافقين حازعين ممَّا نزل بهم.
{وقيل لهم} لعبد الله بن أُبيِّ وأصحابه لمَّا انصرفوا ذلك اليوم عن المؤمنين {تَعالَوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا} عنَّا القوم بتكثيركم سوادنا إنْ لم تقاتلوا {قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم} أَيْ: لو نعلم أنَّكم تقاتلون اليوم لاتَّبعناكم، ولكن لا يكون اليوم قتال، ونافقوا بهذا لأنَّهم لو علموا ذلك ما اتَّبعوهم. قال الله تعالى: {هم للكفر يومئذٍ} بما أظهروا من خذلان المؤمنين {أقربُ منهم للإِيمان} لأنهم كانوا قبل ذلك أقربَ إلى الإِيمان بظاهر حالهم، فلمَّا خذلوا المؤمنين صاروا أقرب إلى الكفر من حيث الظَّاهر.
{الذين قالوا} يعني: المنافقين {لإِِخوانهم} لأمثالهم من أهل النِّفاق {وقعدوا} عن الجهاد، الواو للحال {لو أطاعونا} يعنون: شهداء أُحدٍ في الانصراف عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم والقعود {ما قُتلوا} فردَّ الله تعالى عليهم وقال: {قل} لهم يا محمَّدُ {فادْرَؤُوا} فادفعوا {عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} إنْ صدقتم أنَّ الحذر ينفع من القدر.


{ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله} يعني: شهداء أُحدٍ {أمواتاً بل أحياء} بل هم أحياءٌ {عند ربهم} في دار كرامته؛ لأنَّ أرواحهم في أجواف طيرٍ خضرٍ. {يرزقون} يأكلون.
{فرحين} مسرورين {بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} ويفرحون بإخوانهم الذين فارقوهم يرجون لهم الشَّهادة، فينالون مثلَ ما نالوا {ألاَّ خوفٌ عليهم} أَيْ: بأن لا خوفٌ عليهم. يعني: على إخوانهم المؤمنين إذا لحقوا بهم.
{الذين استجابوا لله والرسول} أجابوهما {من بعد ما أصابهم القرح} أَيْ: الجراحات {للذين أحسنوا منهم} بطاعة الرَّسول واتَّقوا مخالفته {أجر عظيم} نزلت في الذين أطاعوا الرَّسول حين ندبهم للخروج في طلب أبي سفيان يوم أُحدٍ لمَّا همَّ أبو سفيان بالانصراف إلى محمَّدٍ عليه السَّلام وأصحابه ليستأصلوهم.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13